إعلام البلدية:
تجدهم يلبسون زياً موحداً شعاره بلدية غزة، ينتشرون في أحياء مختلفة من المدينة ذات الأطراف المترامية، ويجوبون شوارعها دون انقطاع، ما إن تنظر إلى أياديهم حتماً ستجدها يابسة مليئة بالجروح.
إنهم صناع الجمال، أصحاب مهنة جمع النفايات وترحيلها من بين منازل المواطنين وأسواقها وشوارعها.
حماية المواطن
يتحمل هؤلاء مخاطر كبيرة من أجل الحفاظ على الحالة البيئية والصحية لمدينة غزة الأكثر اكتظاظاً بالسكان من بين محافظات القطاع، ويعملون ضمن فرق وأطقم وظفتها البلدية لجمع النفايات ونقلها إلى أمكان مخصصة لها.
حتى في رمضان لا يتوقف عملهم، ويتوزعون ضمن فرق للعمل على عدة مراحل على مدار الساعة، تبدأ الأولى منها الساعة السابعة صباحًا وتمتد حتى الساعة الثانية بعد الظهر، ليبدأ بعدها فريق ثاني ويمتد عمله حتى ما قبل موعد الإفطار.
أما الفريق الثالث يبدأ عمله الساعة السابعة بعد الإفطار ويمتد حتى الثانية فجراً.
وهذا هو الوقت المخصص لصانع الجمال محمود حامد، الذي يأتي بحصانه من بلدة بيت لاهيا شمال القطاع، للعمل في منطقة غرب مدينة غزة، حيث يتولى المسؤولية عنها ضمن فريق متكامل من صناع الجمال.
يحرص حامد على اصطحاب أدوات جمع النفايات التي توفرها بلدية غزة، وهي حاوية بلاستيكية وعسافة وكريك، إضافة إلى امتلاكه حصان وعربة "كارو" مثبت عليها سلة حديدية كبيرة، كأحد شروط العمل ضمن فرق صناع الجمال.
يقول حامد الذي يعمل في هذه المهنة منذ 4 أعوام: "رغم أن تنظيف الشوارع من النفايات وجمعها يحمل مخاطر كبيرة إلا أن هذه المهنة لها دور مهم في الحفاظ على جمال الشوارع والأحياء".
ولذلك فهو يولي مهنته أهمية كبيرة، لكنه يتعرض خلال عمله للعديد من المعيقات أبرزها عدم تقدير فئة من المواطنين لأهمية عملهم، وإخراجهم النفايات بعد جمعها من صناع الجمال وبقائها ساعات في الشوارع إلى حين بدء فريق آخر بعملية الجمع.
وتعمل فرق صنع الجمال لمدة 7 ساعات في رمضان، و8 ساعات في الأيام العادية.
وانضم أحمد نبيل، إلى هذه الفرق قبل قرابة 5 أعوام، وقد تحمل أعباءً كبيرة في عمله، حيث تملأ الندوب والجروح كفيه رغم حرصه على ارتداء قفازات خلال جمع النفايات من 5 مناطق يعمل بها غرب مدينة غزة.
مخاطر كبيرة
وقال: نسبة كبيرة من أكياس النفايات التي نجمعها من أمام المنازل والعيادات والمستشفيات مليئة بقطع الزجاج وإبر الحقن العلاجية، وغالباً نصاب بجروح عميقة عند محاولة رفعها إلى العربات ونقلها للحاويات الخاصة بها.
لكن رغم الإرهاق الذي يتجلى بوضوح على وجهه وبدنه، فإن حامد لا يتوقف عن عمله حتى في رمضان ومناسبات الأعياد، وكذلك أوقات الطوارئ من منخفضات جوية، أو التصعيد العسكري الإسرائيلي على غزة، يواصل عمله دون كلل للحفاظ على نظافة المدينة.
ويتطلع هذا الشاب في الثلاثينيات من عمره، إلى وضع قطع الزجاج وإبر الحقن في عبوات بلاستيكية عند تعبئة أكياس القمامة وغيرها، قبل إلقائها في الشوارع حتى لا يصاب العاملين في جمع النفايات بجروح.
ويدير الشاب جابر أبو خوصة مجموعة كبيرة من صناع الجمال يعملون في 3 شفتات، يضم كل واحد منها 15 عاملاً على الأقل، وهو مسؤول عن منطقة تجميع النفايات في أرض الغول، شمال غرب مدينة غزة.
وقال: إنه يحرص بشدة على ترحيل النفايات التي يجمعها صناع الجمال من مناطق مختلفة، حفاظًا على نظافة المكان وعدم نفور المواطنين من المنطقة والروائح المنبعثة منها.
وأضاف: أن البلدية تنقل ما بين 4-6 حاويات كبيرة "الرمسا" يوميًا معبئة بالنفايات من أرض الغول إلى أماكن مخصصة لجمع وترحيل النفايات قبل نقلها بشكل نهائي إلى مكب نفايات جحر الديك.
ويبلغ عدد عمال صنع الجمال بمدينة غزة، كما يفيد رئيس شعبة متابعة الآليات وصيانة الحاويات في البلدية عمر عليان، قرابة 300 ينتشرون في أحياء المدينة، بعضهم يعمل مع البلدية مباشرة وآخرين يعملون مع شركات ضمن نفس المهمة.
يضاف إليهم، بحسب عليان، 150 من العمال والإداريين والمراقبين ورؤساء الشعب في الدوائر الخاصة بعمل صناع الجمال.
وبين عليان أن أبرز المعيقات التي تواجه هؤلاء العمال، عدم التزام المواطنين بمعايير إخراج النفايات، إضافة إلى انتشار النباشين في الحاويات وما يسببونه من ضرر كبير لصناع الجمال والمواطنين معاً.