مع اشتداد الحصار المفروض على غزة، منذ 12 عامًا، وفرض مجموعة من الإجراءات العقابية على القطاع، مع حلول شهر نيسان/ إبريل عام 2017، تأثرت كافة مناحي الحياة بشكل كارثي، وتردت الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للسكان شيئًا فشيئًا حتى وصلت إلى مراحل صعبة للغاية.
ومن أكثر الإجراءات العقابية التي اتخذت بحق قطاع غزة تأثيرًا على الأوضاع المعيشية، خصم ما نسبته 30-50 % من رواتب موظفي السلطة في غزة، وإحالة الآلاف منهم للتقاعد المبكر، وتفاقم أزمة الكهرباء من خلال تقليص ساعات وصل التيار، ووقف العمل بكل الإعفاءات الضريبية على السلع الواردة إلى غزة.
وشملت الإجراءات أيضًا توقف عدد كبير من المنح الخارجية الأساسية المخصصة للبلديات بما فيها منح الوقود وبرامج التشغيل والصيانة، إلى جانب منع دخول الكثير من المواد اللازمة في عمل البلديات، وتردي الأوضاع المالية للمواطنين حتى وصلت إلى حالة كارثية.
هذه الخطوات انعكست بشكل واضح على مستوى المعيشة ونوعية حياة المواطنين في المدينة اقتصادياً واجتماعياً، الأمر الذي ترك أثرًا كبيرًا على البلدية في ثلاثة محاور (المحور المالي– محور الطاقة– محور المشاريع التطويرية والتشغيلية).
المحور المالي
وكنتيجة لما سبق فقد شهد عام 2017، انخفاض كبير في دخل البلدية الذي تعتمد عليه في دفع المصاريف التشغيلية ولا سيما دفع رواتب الموظفين، ما أثر على قدرة البلدية في دفع راتب كامل لموظفيها عن شهري يناير وفبراير الماضيين، وصرف ما نسبته 75 % من الراتب فقط.
ليس ذلك فحسب بل شهد انخفاض عدد المسددين للفواتير الشهرية مع إعلان الإجراءات العقابية على غزة، وبدء تنفيذ الخصومات على الموظفين، إضافة إلى انخفاض مستمر في المبالغ المسددة لصالح البلدية حتى وصلت إلى أدنى مستوياتها منذ عدة سنوات. (وفق الجدول الموضح في التقرير).
كما انخفضت إيرادات البلدية في شهر يناير للعام الجاري بنحو 50 % مقارنة بإيرادات ذات الفترة لعام 2017، بما يعني استمرار التدهور في أعداد المسددين وقيمة المبالغ المسددة.
ومع انخفاض الكهرباء الواصلة إلى قطاع غزة، بقدرة 50 ميجا وات، تقلصت ساعات الوصل إلى 4 ساعات مقابل 20 ساعة قطع، ليرتفع بذلك استهلاك السولار السنوي لعام 2017 المنصرم، لـ 2 مليون لتر مقارنة بـ 1.7 مليون لتر في العام 2016.
وارتفعت بذلك مصروفات البلدية في العام 2017، لشراء الوقود اللازم لتشغيل المرافق الأساسية إلى قرابة 1.1 مليون شيكل، لترهق كاهل البلدية، في ظل الضائقة المالية التي تمر بها بسبب انخفاض إيراداتها بشكل كبير.
علمًا بأن منحة توريد السولار للبلدية ستتوقف نهاية فبراير الجاري، ما سيتطلب من البلدية شراء السولار من ميزانيتها بما يزيد عن 10 مليون شيكل.
وتزامنت الإجراءات العقابية، مع وقف برامج التشغيل المؤقت الواردة للبلدية والتي يعتمد عليها قطاع جمع وترحيل النفايات بشكل كبير لتشغيل عربات جمع وترحيل النفايات، إضافة لعمال كنس الشوارع وتعزيل مصافي مياه الأمطار.
يذكر أن البلدية قد حصلت في عام 2016 على 88 عامل نظافة و150 عامل كنس وتعزيل مصافي مياه أمطار، فيما لم يتم توفير أي عمال لصالح البلدية في العام 2017، ما اضطرها لتشغيل عربات جمع وترحيل النفايات من موازنتها ورفع المصروفات بنحو 1.9 مليون شيكل سنويًا، فيما بلغت مصروفات البلدية على عملية نقل وترحيل النفايات نحو 766 ألف شيكل.
محور الطاقة
ومع تفاقم الأوضاع وتقليص كمية الكهرباء الواردة لمدينة غزة، بشكل لا يمكن تعويضه عبر مولدات الكهرباء الاحتياطية، اضطرت البلدية إلى ضخ 60 ألف كوب من المياه العادمة الغير معالجة أو المعالجة جزئيًا في بحر مدينة غزة يوميًا.
وتأثرت خدمات البلدية الأساسية بشكل كبير، حيث شهدت جداول توزيع المياه على منازل المواطنين، إرباكًا كبيرًا بسبب التغيرات الحاصلة في جدول قطع ووصل التيار الكهربائي، وحدوث إرباك في تشغيل محطات ترحيل مياه الصرف الصحي، ومياه الأمطار، إلى جانب ارتفاع استهلاك المحروقات بنسبة 45 % في عام 2017م مقارنة بـ 2016م.
محور المشاريع
ولم تقف الأوضاع عند هذا الحد فقط، بل شملت توقف دعم مشاريع البنية التحتية من خلال أغلب المؤسسات العاملة في القطاع، وتوقف وتقليص مشاريع التشغيل المؤقت وجمع وترحيل النفايات.
كما توقف التنسيق لإدخال آليات جديدة لجمع وترحيل النفايات الصلبة لصالح البلدية، الأمر الذي يزيد من صعوبة الوضع القائم، ويزيد مصروفات البلدية لصالح دفع رواتب لتشغيل عمال نظافة لجمع النفايات عبر عربات الكارو.
وكنتيجة لما سبق فقد قررت البلدية تقليص استهلاك السولار، في ظل توقف المنح الخارجية لتزويدها بالمحروقات، وانخفاض إيراداتها، ما سيؤثر على خدماتها الأساسية المقدمة للمواطنين، ووقف برنامج شركاء لتشغيل الخريجين، بسبب عدم قدرتها على دفع أي مبالغ مالية إضافية في ظل الضائقة المالية المتصاعدة، فضلاً عن إيقاف مجموعة من البرامج والأنشطة الأخرى والتي كان مقررًا تنفيذها ضمن خطتها السنوية.