قسم الإعلام:
"ليس أي سائق يستطيع التعامل معه، فهو بحاجة إلى فني ميكانيكا ليعامله بـ "دلال" وقليل من "الحنية" ليكون قادرا على السير"، هكذا يبدأ مدير عام الإدارة العامة للخدمات في بلدية غزة محمد حمادة، حديثه عن بلدوزر "يتنفس برئة واحدة" ضمن الآليات العاملة في كراج البلدية يعود تاريخ تصنيعها للعام 1968م.
ويقول حمادة لموقع "فلسطين أون لاين": "هي آلية بلدوزر واسمها "D9G" من الشركة الأمريكية للمعدات الثقيلة "كاتر بيلر Caterpillar" صنعتها في العام 1968م، أي قبل ما يقارب سبعة وأربعين عامًا بالتمام والكمال"، مشيرًا إلى أن هذه الآلية خدمت في الأراضي المحتلة لدى الاحتلال الإسرائيلي حتى وصلت إلى قطاع غزة في منتصف ثمانينات القرن الماضي.
ويلفت إلى أن الآلية عملت في القطاع الخاص في مجال استصلاح الأراضي الزراعية منذ ذاك الحين وحتى منتصف العام 2010 أي ما يوازي ربع قرن، موضحًا أن بلدية غزة عمدت إلى شرائها في ظل عدم قدرتها على شراء آليات حديثة وتوريدها من خارج قطاع غزة بسبب عراقيل فرضها الاحتلال الإسرائيلي.
ويضيف: "وفق المتعارف عليه في عالم الآليات فإنه من المفترض أن يتم "تكهين" الآلية "D9G"، وإحالتها إلى الخردة في طريقها إلى الإعدام"، مستدركًا بقوله: "لكن الحصار الذي يتعرض له قطاع غزة منذ تسع سنوات يفرض علينا إصلاحها بين الحين والآخر حتى الرمق الأخير لها".
هيكل خارجي
"D9G" الآلية الأكبر ضمن الآليات العاملة في بلدية غزة ووظيفتها الحالية العمل على دفع وتسوية النفايات الصلبة في مكب نفايات البلدية في جحر الديك شرق مدينة غزة، والسؤال المطروح، بعد سبعة وأربعين عامًا ماذا بقي من الآلية لم يتم تغييره فيها؟!
يجيب مدير دائرة النقل والإمداد في بلدية غزة عصام كيلاني، عن هذا السؤال بقوله: "لم يتبق في الآلية سوى الهيكل الخارجي لها المصنوع من الحديد"، مضيفًا: "بعد أن استلمتها البلدية اضطررنا لاستبدال المحرك الخاص بها بآخر مستعمل، وعملنا على استبدال الجنزير بآخر جديد مع ملحقاته، وإصلاح "القير" أيضًا (مبدل السرعات في الآلية)".
وينوه كيلاني لموقع "فلسطين أون لاين"، إلى أنه قبل عام ونصف تعطلت الآلية عن العمل واحتاجت لقطع غيار، ووفق الإجراء المتبع يتم عرض عطاءات ويحصل عليها أحد الموردين، والذي تكون وظيفته البحث عن قطع غيار لها في عدة دول.
ويقول: "بحث المورد في عدة دول عن قطع غيار لها، ولكنه في كل مرة كان يتم الرد عليه بأنه لم يعد أحد – تقريبًا - يستعمل هذه الآليات"، مشيرًا إلى أنه توصل بعد مدة إلى وجود قطع غيار في إحدى الشركات في دولة بلجيكا "مركونة على الرف" في حالة نسيان، فعمل على توريدها.
ويبين كيلاني أن جمهورية مصر العربية – على سبيل المثال – من الدول التي ما زالت تستعمل بعض الآليات القديمة، وعند حاجتها لقطع غيار جديدة، يتم البحث عنها، وفي حالة عدم العثور على قطع يتم الرجوع إلى الشركة الأصلية ومقرها الولايات المتحدة.
ويضيف: "تقوم الشركة المصنعة بصناعة قطع غيار جديدة حسب الطلب، مما يعني وقت أكبر وجهد أكثر، وأحيانًا تكلفة مالية أعلى"، لافتًا إلى أن إصلاح "D9G" استغرق قرابة شهرين من العمل المتواصل لاهتراء الأجزاء الداخلية فيها بشكل كبير.
وعن "D9G" يكمل: "قدر الإمكان هي تقوم بالحد الأدنى في تسوية النفايات الصلبة وفردها في مكب جحر الديك"، مستدركًا بقوله: "لكن عند مقارنتها بآلية حديثة فهي لا تعطي ما نسبته 40% من العمل نظرًا لانتهاء عمرها الافتراضي منذ وقت طويل جدًا".
صور تذكارية
أخيرًا يقول حمادة: "مسؤول شركة "كاتر بيلرCaterpillar" في رام الله زار غزة قبل شهرين واستغرب أن هذه الآلية ما زالت قادرة على العطاء، وقبل مدة حضر وفد من شركة إيطالية وأثناء جولة على مرافق البلدية ورؤيتهم لها أصروا على التقاط الصور التذكارية معها".
يشار إلى أن قطاع غزة يعاني منذ ما يقارب السنوات التسع من حصار فرضه الاحتلال الإسرائيلي عليه عقب فوز حركة حماس عام 2006 في انتخابات المجلس التشريعي وحصولها على أغلب مقاعده.
وشمل الحصار الإسرائيلي إغلاق معابر قطاع غزة، ومنع الاستيراد والتصدير لعدة مواد وبضائع يدعي الاحتلال أن المقاومة تستخدمها في إعداد الأسلحة الخاصة بها لمحاربته، ومن هذه المعدات ما يختص في مجال تصليح الآليات العاملة في بلديات غزة مثل "السكاكين والشفرات" الموجودة في بعض الجرارات.